الخميس 2016/01/14

آخر تحديث: 17:55 (بيروت)

ضرائب لبنان.. بلا "فائدة"

الخميس 2016/01/14
ضرائب لبنان.. بلا "فائدة"
لبنان يفتقد الوظيفة المالية والإقتصادية والإجتماعية للضرائب (محمود الطويل)
increase حجم الخط decrease

كثيرة هي القوانين والتشريعات التي طاولت النظام الضرائبي في لبنان و بلورته بشكله الحالي، الذي لا يزال حتى يومنا هذا عاجزاً عن تحقيق الغايات التي فرض من أجلها، ولا يخلو من الثغرات والمنافذ المسهّلة للتهرّب الضريبي والذي يسمّيه البعض التجنّب الضريبي.

فالضريبة في لبنان كما غيره من الدول، تشكل إيراداً أساسياً للخزينة العامة، ولكن ما يميز لبنان عن كثير من دول العالم إنما هو فقدان الوظيفة المالية والإقتصادية والإجتماعية للضرائب من جهة، والفصل بين الضرائب والأثر الذي تتركه على الإقتصاد عموماً من جهة أخرى.
تهدف حكومات الدول عموماً من جباية الضرائب الى تمويل نفقات قطاعات ممولة من الدولة، لاسيما قطاعي التعليم والإستشفاء، إضافة الى دعم سلع وقطاعات إنتاجية وتشييد أو صيانة بنى تحتية كالطرقات والسدود والجسور والكهرباء والمواصلات وغيرها، والأهم من كل ذلك، وفق رئيس الجمعية اللبنانية للضرائب سركيس صقر هو تأمين ضمان صحي ورواتب تقاعدية للمتقاعدين والعاجزين عن الإستمرار بالعمل والإنتاج وكذلك تأمين معيشة للعاطلين من العمل.
أما في لبنان فالضرائب تُفرض إنطلاقاً من كونها مصدرا أساسيا لإيرادات الدولة ومرفدا شبه "يتيم" للخزينة العامة، من دون الأخذ بالإعتبار الأثر الإقتصادي والإجتماعي السيئ الذي يمكن أن ينتج عن الضرائب، والأخطر من ذلك هو الغياب شبه الكليّ للخدمات الإجتماعية وانعدام التغطية الصحية للمتقاعدين والعاطلين من العمل، وانهيار البنى التحتية لاسيما الخدمات الأساسية منها أي الكهرباء والمياه وخطوط المواصلات. وهنا يسأل صقر في حديثه لـ"المدن" عن سبب تحصيل الضرائب من المواطنين الذين يفتقدون لأي حماية اجتماعية بعد تقاعدهم؟ ويرى ضرورة إعادة البحث وتعديل العديد من القوانين الضريبية والتشدد بتطبيق بعضها الذي يفتح المجال لـ"التجنب" الضريبي.
وعن الوظيفة الإقتصادية للضرائب في لبنان فحدّث ولا حرج، إذ أن السياسة الضريبية في دول العالم كافة تشكّل وسيلة للدولة لتحقيق الإستقرار الإقتصادي لاسيما في حالتي الإنكماش والإنتعاش الإقتصاديين، ففي الأولى على الدول أن تعمد الى خفض المعدلات الضريبية وزيادة الإعفاءات والحد من فرض ضرائب جديدة بهدف خلق توازن نقدي يعيد الأوضاع الإقتصادية الى استقرارها، أما في الحالة الثانية فتعمد الدول الى رفع المعدلات الضريبية أو فرض ضرائب جديدة بهدف امتصاص فائض الكميات النقدية الموجودة في الأسواق وتالياً إعادة التوازن الى الإقتصاد.
في لبنان لا شيء إطلاقاً من هذا القبيل، فلا وظيفة اقتصادية للضرائب، إذ تدور معظم الضرائب وربما كلها في دائرة جمع إيرادات للخزينة العامة بهدف تسديد استحقاقات معينة، من دون الأخذ بالإعتبار الأوضاع الإقتصادية لا من قريب أو بعيد، وخير دليل على ذلك، رفع الرسوم الضريبية المفروضة على المحروقات في السنوات السابقة بهدف تغطية تكاليف زيادة الرواتب والأجور، والتوجه حالياً الى رفعها من جديد بهدف تغطية تكاليف ترحيل النفايات الى الخارج.
وتقع الطامة الكبرى في الوظيفة الإجتماعية للضرائب في لبنان، إذ أن الضريبة تهدف بالمبدأ الى تحقيق الإستقرار الإجتماعي إلى جانب الإستقرار الإقتصادي، والى إعادة توزيع الدخل بين الفئات الإجتماعية. أما في لبنان، فإن غالبية الضرائب المفروضة منذ نهاية الحرب اللبنانية وحتى اليوم إنما تزيد من حاجة الفقراء وترفع من قدرة الأغنياء المالية، والسبب يعود غالباً الى كون الضرائب المفروضة في لبنان بمعظمها ضرائب غير مباشرة، وهي تُعد مورداً مهما للخزينة العامة لكنها لا تحقق العدالة الضريبية، إذ أنها تفرض على جميع المكلفين بمعدل واحد من دون مراعاة الأوضاع الإجتماعية أو المعيشية.
وفي سياق التعريف بضرائب لبنان، سواء تلك التي تتضمن ثغرات أم لا، أو تلك التي لها وظائف ذات منفعة للإقتصاد العام وللأفراد، ستقوم "المدن"، تباعاً، بنشر سلسلة حلقات حول تلك الضرائب.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها